الفصل الثالث
عندما تسقط
العلل
(
المكان صالة منزل لإحدى الأسر.. بها طقم كراسى أريكة للجلوس ويمينـا إلى الوراء توجد
مائـــدة للطعام بالقـــرب منها منضـــدة صغيرة عليها هاتف.. فى وســـط الصـالة يوجــد
باب الشقة.. تظهـــر فتـاة فى العشـرين،
وأمهـا يبـــدو عليهما القــــلق الأم تغدو وتروح، تفرك كفيهـــا، والفتــاة تجلس فوق
أحـــد المقاعد تقرأ الصحف لكنها
تتــــــــابع حـــركة أمها.. فجأة تلقــى بالجريدة وتنهض)
الفتاة : قلت لك يا أمى: أنزل أبحث عنه.
الأم : وبدلا من أن ننشغل على واحد نحمل همّ
اثنين.
الفتاة : أىَ همّ يا أمي.. أتحسبينني صغيرة ؟
الأم : إنه وقت لا يعلم به غير الله.. لا فرق
فيه عند الخطر يا ابنتي بين كبير وصغير.
الفتاة : لكنني قلقة على أخي.. يجب أن أبحث
عنه
(يسمع جرس الباب تسرع
الفتاة تفتح)
الفتاة :
ربما جاء.. لا.. إنه أبي .
(يدخل الاب حاملا حاجيات
البيت)
الأب
: (يلهث) لا إنه أبي.. مَنْ تنتظرين أفضل
من بابا.
الفتاة : العفو يا بابا.. عنك.. عنك.
(تحمل عنه وتدخل)
الأم : ما كل هذا الذى تحمله.. ألا ترحم صحتك
؟
الأب : ومن يحمل عنا يا أم الأولاد؟ (يرفع
صوته) كوب ماء معك يا ابنتي.
صوت الفتاة : (من الداخل) حاضر يا أبي .
الأب : (يكمل) جف ريقى فى الطوابير والزحام..
الأم : ألن ننتهى من الطوابير والزحام.
الأب : كيف ننتهى ياعزيزتى وهى فى زيادة؟!
الفتاة : (تخرج حاملة كوب ماء فوق صينية)
تفضل يا أبي.
الأب : (يأخذ الكوب) شكراً يا ابنتي (يشرب
ويضع الكوب)
( الأم والفتاة
تتبادلان نظرات قلقة..
ينحنى الأب ليفك
رباط الحذاء، ويتساءل)
الأب
: ماذا بكما ؟
الأم : الولد !
الفتاة : أخي.. نزل الفرن.
الأب : واحدة.. واحدة.. وماذا فيها ؟
الأم : مضى أكثر من ساعتين ولم يعد.
الأب : (يتوقف.. بفزع) ماذا !.. ساعتان..
الفرن فى أول الشارع.
الفتاة : قلت لأمي أكثر من مرة أنزل أبحث عنه
.
الأب : بل أنزل أنا (يعيد لبس حذائه) ربنا
يأتى بالعواقب سليمه .
الأم : أنت متعب من العمل وحمل
الأمتعة.!
الأب : لا تبالى.. المهم أن يعود الولد
سالما.
الأم : ربنا يستر.. أخشى أن يكون ذهب هنا أو
هناك.
الأب: المهم أنني موصيه.. يجب أن يحترس من
الناس، فلا يذهب مع أحد .
والأم : وأنا والله بح صوتى من النصائح له..
لا تكلم غريبا.. لا تتناول طعاما من أحد تعرفه أو لا تعرفه.. ربنا يكفينا شر
المشكلات التى نسمع عنها.
الفتاة : أمي.. منذ أن عرفت بالخبر الذى نشر
عن تاجر مخدرات يضع الهروين فى الوردة للأطفال، وهى فى غاية الرعب.
الأم : وكيف لا أكـون فى غاية الرعب.. ليته
فى الوردة فقط.. وفى الشيكولاته.. لم يعد
أمان يا ابنتي.
الأب : على كل حال لا تقلقى.. الفرن قريب..
ربما أخّره الطابور.
الأب : (يتجه ناحية الباب).. سنعرف حالا الخبر..
أهذا حال؟!! قلق مستمر كلما نزل أحدنا أو
تأخر.
الأم : كله بسبب المصيبة التى حلت
علينا.
الأب :
(وهو يفتح الباب) كنا ناقصين الشياطين، يعفرتونا على آخر الزمن. (يعود وهو
يتنهد فى ارتياح)
الأب : لقد عاد.. أسمع خطواته وبكاءه.
الأم : بكاؤه ؟ لماذا ؟
(يدخل طفل فى العاشرة..
مهوش الشعر محتقن
الوجه.. يبكى،ويلملم
ملابسه المهدلة)
الأم : (بفزع) ماذا بك ؟
الأب : ماذا جرى.. تكلم ؟
الولد : (يشهق بحرقة ويستمر فى البكاء)
الفتاة : (تربت على كتف أخيها) ماذا بك؟
أضربك أحدهم.. قل.
الأب : وأين الخبز ؟
الأم : لا أرى فى يديك رغيفا ولا نقودا.
الأب : ضاعت النقود ؟! لا تخف.
الأم : لا حول ولا قوة إلا بالله.. متى تتكلم
إذاً ؟
الأب (بغضب) انطق ياولد.. ساعة حتى ترد
!
الولد : (وهو يبكى) ضربونى.
الفتاة : من هم ؟
الولد : الناس .
الأم : (بدهشة) أى ناس ؟
الولد : (ينتحب)
الواقفون فى طابور الخبز.
الأم : ماذا فعلت لهم ؟ تكلم.
الولد : لم أفعل شيئاً.
الأب : ضربوك بلا سبب، غير معقول!
الفتاة : قل ماذا فعلت لهم؟
الولد : وقفت فى الطابور وكان طويلا
جداً.
الأم : هذا واضح.
الولد : لم أشعر أنني أتقدم خطوة عن
مكاني.
الفتاة : هناك أناس مشاغبون يدخلون فى وسط
الطابور وبدايته.
الولد : تعبت قدماي.
الفتاة : تكلم بسرعة.. ماذا حدث.؟
الولد : بدأت أتنقل بين أرجل الناس إلى
الأمام وهم يعيدونني إلى الخلف.
الأب : لقد أخطأت.. يجب أن تستأذن فى أدب.
الولد : ليته ما حدث.. من هنا أتت المصيبة
.
الأب : كيف.؟
الولد : كلما قلت لأحدهم افسح مقدار حبة
انهال على ضربا وركلا.
الأم :
ماذا.؟ يضربون طفلا صغيرا ولا يفسحون له.. جنت الناس .
الأب : أهذا كل ما حدث ؟
الولد : بالضبط يا أبي.
الأم : أنا أصدقه.. فقد حدث لى موقف مشابه
بالأمس.
الأب : ماذا حدث ؟ لم تخبريني .
الأم : ماذا أقول؟ وقفت فى طابور الجمعية..
أصابني ما أصابني من بهدلة.. فضلا عن كم لكزة فى جنبى، وخرجت من الطابور بعيني
متورمة .
الأب : (بقلق) وهل طلبت من أحد أن يفسح
حبة.
الأم : طلبت ولا مجيب.
الأب : الأمر إذاً فى غاية الخطورة .
الفتاة : أبي.. أنت تفكر فيما أفكر فيه..
لكنني لا أصدق.
الأب : ليس أمامنا غير التصديق.
الفتاة : لكنها مصيبة كبيرة إذا صدق هذا
الحدس .
الأب : (يربت على كتف ابـنه) اذكر الحقيقة
وإلا نضيع كلنا.
الولد : أقسم يا أبي إنني قلت الحقيقة .
الفتاة : تماما كما حدثت.؟
الولد : تماما كما حدثت .
الأم : أنا لم أفهم شيئا .
الأب : (للولد) ضربك واحد أم اثنان.؟
الولد : (ينتحب) كلهم يا أبي.. كلهم .
الفتاة : فقط لأنك قلت.. قلت.. ماذا قلت.؟
الولد : قلت : ابتعد حبَّة.. دعنى أتقدم
حبَّة من فضلك.
الفتاة : إذاً حلت اللعنه.. وصلوا يا أبي،
وصلوا يا أمي.
الأم : (مرتعدة) وصلوا.. من.؟! لا تقولى
الشياطين.؟! لا أصدق.. لا أريد أن أصدق.
الفتاة : الشواهد يا أمي تؤكد ذلك.
الأم : وكيف عرفت ؟
الفتاة : عرفوا كلمة السر.
الأب : لو كان هؤلاء من البشر ما ضربوه عند ذ
كر كلمة الحبة.
الأم : ابحثوا فى احتمال آخر..اطردوا هذه
الفكرة أرجوكم.
الفتاة : ليس هناك احتمال آخر يا أمي.
الأب : وصل الشياطين، وقفوا فى طابور العيش
وطابور الجمعية .
الأم : تقصد أنهم يستولون على القوت
الضرورى.
الأب : ولماذا طابور العيش بالذات.!! ألا
تدركين.؟!
الفتاة : وفى كل طابور وفى كل زحام تجدهم حتى
يضيقوا علينا الحياة .
الأم : لم نعرف أن الخبز بالطابور سوى هذه
الأيام.
الأب : والخبز من حبة القمح.. والقمح بالذات
لهم عنده ثأر
ألم يأمرونا بعدم زراعته!!
الولد : أيأكلون الخبز مثلنا يا أبي.
الأب : ليس الغرض أن يأكلوا بل ألا نجد نحن
ما نأكله.
الأم : فيأكل بعضنا بعضا .
(يدق جرس الباب، يسرع الولد يفتح ويتعلق برقبة القادم)
الولد : عمى وصل.. عمى وصل.
الأب :
يتقدم.. أهلا أخي.. جئت فى وقتك.
(يدخل الأخ مصافحا
ويبدو عليه قلقٌ يحاول أن
يخفيه)
العم : يمد ذراعيه.. أهلا أخي.. وحشتنى
جدا.(يحتضنه)
الفتاة : أهلا عمى.. زيارة غير متوقعة.
(تحتضنه)
العم : ليست زيارة فقط يا ابنتي.. بل إقامة
لمدة يومين.. هل تتحملون .
الأب : البيت بيتك .
الفتاة : لماذا ياعمى ؟ هل تشاجرت مع
زوجتك.
العم : (باضطراب) تشاجرت.. نعم.. نعم.. مثل
هذا.
الأم : أهلا بك فى بـيتك.
العم : (للأم) كيف حالك يا زوجة أخي.
الأم : بخير.. نحمد ربنا.
العم : ولكنى أراك قلقة.. ينظر إلى أخيه..
ماذا حدث ؟
الأم : كنا نتناقش فى موضوع ربنا يسلمنا
منه.
العم : أكثر قلقا.. موضوع.. أى موضوع ؟ هل
أنا طرف فيه
الأب : أنت وأنا وكل الناس.
العم : لم أفهم شيئا.
الأم : حالا ستفهم كل شىء.
الأب : يتأبط أخاه ويتجهان ناحيه الأريكة..
الدنيا بخير طالما فيها أمثالك.
العم : (وهو يجلس) لم أفعل غير الواجب.
الأب : لم تنس أهل حيِّك وناسك كما فعل
غيرك.
العم : هم أصحاب فضل..أنا عشت وسطهم ومصنعى
"لحوم الصحة" من أجلهم
الأب : والله لولا أسعارك الخاصة لأهل حيك
لكانوا ماتوا من الجوع .
العم : العفو يا أخي.. قلت لك : هذا واجب .
الفتاة : وما أرسلته لنا بالأمس.. هدية أم
واجب ؟
العم : هذا بـيت أخى وفيه أولادى.. هو دين يا
ابنتي.
الأب : بارك الله فيك يا ابن أم .
العم : نعود للموضوع الذى أنا وأنت وكل الناس
طرف فيه.
الولد : سوف أذهب وأخبر أصحابى أن عمى سيعيش
معنا .
العم : لا.. تعال.. لا تخبر أحدا بوجودى
هنا.
الولد : كلهم يقولون عمك أصبح غنيا جدا ولم
يعد يعرفكم .
العم : دعهم يقولوا.. اجلس بجوارى .
الفتاة : هل تعرف كلمة السر ياعمى .
العم : نعم.. أليست الحبة .
الفتاة : كشفتها الشياطين .
العم : بدهشة.. كيف عرفت ؟!
الفتاة : من طابور الخبز .
العم : الخبز!!
الولد : نعم ياعمى.. ضربونى اليوم .
العم : من ؟
الولد : الشياطين
العم : أى شياطين ؟
الأب : أيوجد غيرهم.. الشـياطين، والأبالسة..
ألم يخبرنا المركز بمجيئهم .
العم : (باهتمام) ومتى حدث ذلك ؟ أخبرني.
الأب : وماذا كنا نقول من مدة .
الأم : نزل الولد يشترى خبزا من الفرن.. غاب
ساعتين وعاد مضروبا .
العم : والسبب ؟
الفتاة : كلما قال لأحدهم أفسح مقدار حبة
يضربه .
الأب : لاحظ كلمة (الحبة) هنا .
العم : أنتم تضخمون المسائل.. ربما تشاجر مع
أحدهم فضربه.
الفتاة : بل ضربه الكل.. بعد أن ظل في
الطابور ساعتين لا يتقدم خطوة .
العم : أنا لا أفهم الموضوع بهذه الصورة
.
الفتاة : وماذا تقول فيما حدث لى بالأمس فى
الأتوبيس .
العم : ماذا حدث ؟
الفتاة : نفس الشىء.. كنت فى طريقي إلى
الجامعة.. وقفت بجوارى واحدة لا تقدر على حفظ توازنها .
العم : هذا شىء طبيعى.. الحافلات لا تطاق
.
الأب : تقول هذا وانت تغير سيارتك كما تغير
ملابسك ؟
العم : لكننى أراها.. وأشعر بالضيق .
الأم : (باهتمام) أكملى يا ابنتي.
الفتاة : قلت لها فى رقة وأدب: من فضلك مقدار
حبة أتعرف ماذا حدث ؟
الأم : ماذا ؟
الفتاة : لا أعرف ماذا أغاظها.. أخذت تحملق
فىّ بعينيها وتقطب جبينها.
الأم : يا ساتر يارب .
الفتاة : ثم صرخت فى وجهى بعصبية؟؟ مقدار
حبة.. مقدار حبة.. انخنقت من هذه الكلمة المزعجة.
الأب : (باهتمام) المزعجة ؟ قالت المزعجة ؟
العم : وماذا فيها.. الكلمة تتكرر فعلا بشكل
مزعج .
الأب : لا تقل هذا يا أخي.. فهى الكلمة التى
تحمينا من الشياطين.
الفتاة :(تكمل) اقشعر بدني.. انسللت من بين
الصفوف وغادرت الحافلة.
الأم : خير ما فعلت يا ابنتي، هذه ليست
إنسانه.. بالتأكيد شيطانة .
العم : الأمر أبسط من هذا بكثير.. يبدو..
أنكم واقعون تحت تأثير معين.
الأم : البشـر يفسحون بعضهم لبعض يا أخي..
إنها فعلا من الأبالسة .
العم : ليكن.. ماذا يفيد الأبالسة من وجودهم
فى الزحام .
الأم : يضيّقون الأرض علينا ويضيقون صدورنا،
لكي نكفُر بالله.
الفتاة : والسؤال الملح داخلنا.. لماذا لم
تُجد وسائل الدعاية والتوعية، واختراع مئه وسيلة ووسيلة للتنظيم.؟!
العم : أرى أن الموضوع لا يستحق كل هذا
الاهتمام .
الأب : على العكس.. أرى أنه فى منتهى الخطورة
ويجب أن نفعل شيئا.
العم : وماذا نفعل ؟ اقترح .
الفتاة : المركز.. يجب أن نبلغ المركز.
العم : (باضطراب) المركز.. أى مركز ؟
الفتاة : مركز الأبحاث السفلي.. نبه أكثر من
مرة أن نبلغ عن أيه ظاهرة مريبة .
الأم : وأعلنوا عن رقم التليفون أكثر من مرة
.
الفتاة : إنه معى.. سأتصل حالا.. (تسرع نحو
التليفون )
الأب : ضرورى يا ابنتي.. يجب ألا نستمرئ
السلبية .
العم : لا أظنهم فى انتظار مكالمتكم.. إذا
كان الأمـر كما تقولون.. لو كانت هناك مشكلة لشعروا بها قبلنا .
الأب : يجب أن نقوم بدورنا على أية حال
.
الفتاة : فى التليفون.. ألو.. مركز الأبحاث السفلى.
(يظهر
صوت خلفى ضعيف يدل على صوت قائد المركز)
صوت القائد : نعم يا سيدتى.. فى الخدمة.
الفتاة : من فضلك أكلم أحد المسؤولين عن
منطقتنا .
صوت القائد : مرى أنا قائد المركز.
الفتاة : هناك ظواهر غريبة تحدث.. نريد أن
نبلغ عنها
صوت القائد : بخصوص ماذا ؟
الفتاة : بخصوص ظاهرة الشياطين
صوت القائد : صهٍ يا فتاة.. ليس فى
التليفون.
الفتاة :
نعم.. أدرك هذا.. ولهذا تتفضل بإرسال أحد أعوانك.
صوت القائد: أرسل إليك فى الحال مندوبى
المركز.. المختصين بالظاهرة .
الفتاة : نكون شاكرين
صوت القائد: إنه واجبنا الذى جندنا أنفسنا من
أجله .
الفتاة : ونحن فى الانتظار .
صوت القائد: أرجو أن تملى علىّ عنوانك.
الفتاة : شارع (تخفض صوتها)
صوت القائد: نصف ساعة من الآن.. تأكدى من
رقمى الرجلين .
الفتاة : أشكر لكم هذا الاهتمام .
صوت القائد : بل نشكر تعاونكم.. نلتقى.
الفتاة : نلتقى .
(تغلق السماعة وتتجه
ناحية والدها وعمها)
الفتاة
: (مبتهجة) كلمنى قائد المركز بنفسه.. والمسؤولان عن الظاهرة فى الطريق إلينا .
الأب
: (يتنهد) حمدا لله.. الآن فقط شعرت بالارتياح
العم
: أما أنا فغير مطمئن .
الأب
: لماذا يا أخى ؟.
العم
: تمنيت أن أمضى عندكم يومين فى هدوء
الأب
: تأكد إننا سنوفر لك كل سبل الراحة.
العم
: كيف وأنتم تتكلمون عن الأبالسة والشياطين.
الأب
: بعد قليل نطمئن جميعا.. لا تحمل هما .
الأم
: لقد نسينا الغداء.. هيا يا
ابنتي نحضر الطعام لعمك
العم
: (بقلق) الطعام.. لا.. لا.. أكلت
قبلكم.
الأم
: (تتجه إلى المطبخ وابنتها من
ورائها) متى أكلت؟
الأب
: إنه من خيرك يا أخي.. سنضع لك
اللحم الذى أرسلت به بالأمس.. ليس لنا فضل .
العم
: لا أشعر بالجوع.. صدقنى.
(تبدو على الأخ علامات خوف وقلق ويتلون وجهه)
الأب
: يربت على كتف أخيه.. والله
أثمرت فيك تربية أمك ووصاياها البليغة
.
العم
: (يتصنع الضحك) وأين هى أمي الآن !.
الأب
: نعم يا أخي، راحت أيام البركة.
العم
: (مغيرا الموضوع) ولكن هل تعتقد فعلا بوجود الشياطين ؟!!
الأب
: مفكرا.. أتمنى ألا يكون.
العم
: وكيف سنعرف إذا كانوا بالفعل
مندسين بـيننا .
الفتاة
: (تخرج حاملة بعض الأطباق).. هذه
مهمة رجال المركز يا عمي .
الأم
: (خلف ابنتها حاملة بعض الطعام) يجب أن يطمئنونا، لا يمكن أن يستمر الحال هكذا
.
(تعود
الأم وابنتها إلى المطبخ)
العم
: وهل إذا انتشرت الشياطين
بـيننا.. سـيكون لذلك حل؟
الأب : بل سيكون الخراب.. الدمار.. الفزع..
أرجو ألا يخرج الأمر عن دائرة الوهم.
العم
: وحتى الوهم له ثمن .
(تخرج
الأم وابنتها مرة أخرى مستكملتين المائدة)
الأم
: تفضلا الأكل جاهز.
العم
: ( يبدو على وجهه رد الفعل)
شكرا.. شكرا.. أنا
(يقطع كلامه مع سماع
جرس عنيف، يسرع الولد بفتح الباب، يدخل جـارهم مندفعا ومن خلفه زوجته وهما فى حالة شجارشديد)
الزوج
: (بعصبية) أنقذونى من هذه المرأة.. إنها ليست زوجتي .
الأب
: خير إن شاء الله.. ماذا حدث ؟
الأخ
: ما هذه الثورة ؟
الزوج :
أقول: ليست امرأتي.. هل هذه التى عشت معها عشرين سنة؟!
الأم
: (تسـرع ناحية الزوجة) يا ساتر يا
رب.. ما الحكاية؟ ماذا جرى ؟!!
الزوجة : هكذا تسبق بالصوت.. أنا التى أشك فى
هذا الرجل.
الأم
: ماذا تقصدين .. أنت جارة العمر،
وهذا زوجك الذي نعرفه.
الزوجة
: هذا ليس زوجى.. ابحثوا لي عن
زوجي الحقيقي.
الأب
: ومن هذا ؟
الزوجة
: شيطان.. نمرود.. استبدل زوجى
وتشبه بصورته.
الأم
: اهدئى بالله.. احكي ما
حدث.
الزوجة :
لن أهدأ أبدا.. أين والد أبنائى ورفيق عمرى.
(يتفرس الأب فى وجه
الزوج والزوجة وكأنه يستشف
أعماقهما )
الأب
: اهدأ حبة ياسيدى قدر حبة !
الزوج : حبة يا أخي .
الأب
: وأنت ياسيدتى.. اهدئى حبة !
الزوجة
: لا إله إلا الله.. حبة.. حبة .
الأب
: إذا ليس بيننا شياطين ولا
أبالسة.
العم
: كيف عرفت ؟
الأب
: لا ينفران من الكلمة.
الزوجة : لم يعد هناك سر.
الزوج : تسربت الكلمة، وصارت على كل لسان حتى
وصلت إلى مسامع الأبالسة .
الأب
: (بدهشة) كيف ؟
الزوج
: الدليل أمامك.. هذه الشـيطانة
التى تدعى أنها زوجتي .
الأب
: لكنكما جيراننا منذ زمن طويل..
وهذه زوجتك التى نعرفها.
الزوج
: ليست هى.. هذه تشبهها فقط
.
الأب
: إذن.. فلنعرف الموضوع من بدايته .
الأم
: (تأخذ الزوجة جانبا) احكي لي يا
حبيبتي.. فضفضي ليس بيننا حرج.
الزوجة : لا أعرف كيف أبدأ.. تأملوا معى.. هل
هو زوجى الذى تعرفونه .
الأم
والأب : معا.. نعم.. هو.
الزوجة :
زوجى كان رجلا طيبا.. مسالما.. هادى الطباع.. يحب بيته وعياله .
الأم :
وماذا تغير ؟
الزوجة : هذا شخص آخر.. ثائر على الدوام..
يشكو على الدوام.. متذمر.. منتقد على الدوام..
ينظر لى ولعياله فى ريبة.. كأننا أعداؤه .
الأب
: (للزوج) وأنت ماذا عندك ؟
الزوج : عندى الكثير.. والكثير.. زوجتي التي
أعرفها إنسانة عاقلة.. رزينة.. رقيقة الطبع..
متسامحة.. مدبرة.
الأب
: وهى كذلك بالفعل .
الزوج : لم تعد !
الأب : والدليل ؟
الزوج : كنت أعطيها راتبي وهى تدبر شؤون
بيتها.. اليوم لا يكفيها أى شىء.. لا راتبي ولا أى مبالغ تصل يدي.. كلها تلقي بها
فى بالوعة .
الأب : بالوعة اسمها الأسعار.. كلنا نحيا بين
فكي الغلاء والأسعار، كلنا نلقي في هذه البالوعة .
الزوج :
(يكمل) أتينا على مدخرات العمر.. اضطررت لبيع نصيبي فى بيت العائلة..
اشتريت سيارة أجرة.. أكدح عليه طيلة اليوم.
الزوجة : راتبه الشيء الوحيد الذى لا يتغير
فى هذا الزمن.. ماذا فى وسعى عمله مع خمسة عيال يكبرون ويزيد همهم.
الزوج
: وأين التدبير.. التعاون على
تربية الأولاد.
الزوجة : لم أقصر فى شىء أملكه.. ولو عندى
مزيد من الوقت لخدمت فى بيوت الأغنياء من أجل عيالي.
الأم
: حاشا لله يا أختي.. لم يقصد أنك
مقصرة.
الأب : ليس إلى هذا الحد ياسيدتي.. يلتفت إلى
الزوج.. كلامها لا ينقصه المنطق.. كيف تتهمها بتهمتك الباطلة ؟
الزوج : التدبير ياصديقى.. البركة من صفات
البشر.. هذه من الجن الملاعين المنزوعة البركة من أيديهن .
الأم
: وسيارتك الأجرة.. ألا يساعد إلى جوار الراتب ؟!
الزوجة : سليه.. منذ متى وهو يدعي الخسارة
.
الزوج : وماذا أفعل فى إخوانها الشياطين
الذين يرميهم حظي النحس فى طريقي .
العم : إخوانها الشياطين.. لم أفهم ؟
الزوج : لم أعد أعرف البشر من الشياطين..
اليوم الذى يركب فيه واحد منهم يكون يوم النكد علىّ وعلى السيارة وعلى النهار كله
.
الأب : أنت تتكلم الألغاز.. نريد أن نفهم
.
الزوج : آخرها من أسبوع.. ركب معي اثنان من
الناس الأبهة مثل حضرته..
(يشير
إلى الأخ)
العم
: (ينتفض) أنا ؟
الزوج
: العفو يابـك.. أقصد ناس محترمة
مثل حضرتك.
العم
: آه .. أكمل .
الزوج : فى
الأول قلت يارب سهل.. بيني وبينك طمعت فى
(البقشيش) .
العم
: الطمع يذهب بما جمع.
الزوج : بالضبط.. الله ينور عليك .يكمل
القصة)
أعطانى أحدهما عشرين جنيها، وعلق الثانى..
حلال عليك .
العم
: لك نظرة ثاقبة في زبائنك .
الزوج : وما أن عبرا الشارع، وأنا أشيعهما
بنظرات ممتنه، وبدأت أتحرك بالسيارة و..
هُبْ .
العم
: ماذا ؟
الزوج
: سقطت فى حفرة.
الأم
: يا ساتر يارب .
الزوج :
انكسر الشاسيه.. ومن يومها والسيارة فى التصليح
الزوجة : (تشيح بيدها وتبتعد)
الزوج : بذمتك.. هؤلاء من بنى آدم، أم من
العفاريت ؟
الأم
: عفاريت طبعا .
الأب
: إذن.. أنت مقتنع بوجود الشياطين بيننا .
الزوج : مندفعا..
مقتنع جدا.. هم فى كل مكان نذهب إليه (مفكرا) أشك فى صاحب الورشة وعماله .
الأب
: أى ورشة .
الزوج : تصليح السيارات.. إنهم يخربون لا
يصلحون.. ثلاثة أيام.. ويعود إليهم السيارة كما هى.
العم : تقصد أنهم ؟
الزوج : إخوان الست .
الزوجة : أسمعتم؟!.. واقتنعتم بحججه الظالمة
.
الأم
: انـتما الاثنان مظلومان .
الزوجة :
(لزوجها) هؤلاء إخوانك أنت.. تقتسم معهم رزق العيال .
العم
: أنا لا أرى غير مصادفات لا تستحق الفزع .
الزوج
: كيف يا سعادة البك ؟ وهى تتكرر
فى كل ساعة.!
الأخ
: الغلاء.. يرهق أعصابكما فتحملون
الأمور أكثر مما تستحق .
الأب
: وما يشاع هذه الأيام عن غزو الشياطين.. ماذا تقول عنه ؟
العم
: ما عفريت إلا بني آدم.. أليس
كذلك يا أخي؟
الزوج :
لكن.
العم
: خذ زوجتك واخز الشيطان.. دبرا
أموركما بهدوء .
الأم
: بل ينتظران.. مندوبا المركز السفلى قد يريان رأيا آخر، هما فى الطريق
إلينا .
العم
: أما زلتِ على اعتقادك.. الرأى الأخر ليس من صالحنا .
الأب
: الأعصاب المتعبة.. والبلبلة
الحادثة.. ليس أمامنا إلا الصبر .
العم
: أنت أيضا تنتظر..؟! أنا فى حيرة
من أمركم .
الأم
: يا خبر.. نسينا الطعام.. إنه معد
من وقت، تفضلوا جميعا.
الزوجة: (بتحرج) شكرا.. لقد تغدينا.. جئنا فى وقت
غير مناسب.
الأب
: لا داعى للحرج.. إنها لحوم
الصحة.. أرسلها عم الأولاد هدية.
الزوجة : لولا لحوم الصحة.. ما تحملنا الحياة
بهذه الصورة
الفتاة
: عمى لا ينسى أهل حيه.. يبيع لهم بسعر خاص.
الأب : هكذا ابن الأصول.. لو كل واحد اهتم
بأهله وناسه فقط لامتلأت الدنيا بالخير والمحبة .
العم
: ربنا يديم المعروف.. أنتم أصحاب
فضل.
الزوج: لحوم الصحة فعلا صحة.. طعمها مختلف عن
أى لحوم .
العم
: (بتلعثم) بالهنا والشفا .
الأب : هيا ننس همومنا ونعمل لصالح الصحة..
تفضلوا ياجماعة.. هذا بيتكم.. تفضل يا أخي .
(يقترب الجميع نحو المائدة عدا الأخ ،يتخير له مقعدا فى ركن
ويجلس)
الأب : لماذا لا تأكل معنا ؟!
العم : (يشحب وجهه) ممنوع من تناول اللحمة
بأمر الطبيب.. تفضلوا أنتم
الأب
: لا تجعلني أقسم عليك.. يجب أن تأكل معنا .
العم
: بل أقسم أنا.. أنني تغديت.
(يبدأ الجميع فى تناول الطعام يمسك الأخ بالجريدة ويشغل نفسه
بالقـراءة
يسمع جرس الباب..
يسرع الولد بالقفز يدخل في تؤدة وحذر )
الأب :
(يترك الطعام ويستقبل الرجلين) أهلا وسهلا، رجلا الأبحاث بلا شك .
الباحث واحد: نعم نحن
( فجأة يندفع الرجلان
فى كل ناحية بحثا تحت الكراسى وبجوار الجدران ويتفحصان السقف.. الجميع يبدوعليهم
الذهول.. أما الأخ فيقف متحفـزا..
يخـرج رقم اثنين من حقيبته
جهازا ويسلطه على الجـدران وبعض الأماكن.. ثم يعيده مكانه)
الباحث اثنان: لا مؤاخذه.. لابد من الحيطة
.
الأب
: بكل سرور.. قوما بعملكما .
الباحث واحد: والآن.. نحن على أتم استعداد
لسماع ما تريدون.
الأب : (يتقدم مصافحا) تفضلا بالجلوس..
وصلتما فى الوقت المناسب.
الباحث اثنان: نرجو أن يكون الوقت مناسبا على
الدوام .
الباحث واحد: وأن يكون الأمر أقل خطورة مما نعتقد.
(يتجه الرجلان ناحية الأريكة.. يفاجئهما الأخ)
الأخ
: إلى اليمين حبة .
(يعتدل
الرجلان.. يبتسمان.. يهزان رأسيهما
موافقة)
الباحث واحد: هذا حقك.. الاحتياط ضرورى.
الباحث اثنان: حبة ياسيدى.. كن مطمئنا .
الباحث واحد: وأنا أيضا.. حبة .
الباحث اثنان: (وهو يجلس) والآن.. من يبدأ بالكلام ؟
الولد :
(يتقدم مهللا) أنا ياسيدى.. المكتشف الصغير.
الباحث اثنان: كيف ؟ اشرح لنا .
الولد
: البداية كانت فى الطابور
الباحث واحد: الطابور ؟!!
الولد: نعم عند الفرن.. وهم يقفون
أمامي.
الباحث واحد: من هم ؟
الولد
: الشياطين .
الباحث اثنان: وهل رأيتهم ؟
الولد
: نعم بعيني.
الباحث اثنان: وما شكلهم ؟
الولد
: أناس مثلنا.. يلبسون مثلنا،
ويتكلمون مثلنا.
الباحث اثنان: وكيف عرفت أنهم الـ ...
الأب : (يتدخل) كما سمعت ياسيدى.. كان ابني
هذا يشتري لنا الخبز من الفرن.
الباحث واحد: نعم.. نعم.. وماذا بعد ؟
الأب : ساعتان وهو لا يتقدم خطوة فى الطابور
كما حكى لنا.. أرجو أن نسجل هذه الملاحظة.
الباحث واحد : أية ملاحظة.!!
الأب
: (باهتمام) إنه لا يتقدم خطوة.. الطابور كان يطول ويطول بدلا من أن يتناقص
.
رقم اثنان: يغمز لزميله.. نعم.. نعم.. نسـجل
الملاحظة.. ثم بعد ؟
الولد :
بدأت أغير مكاني وأتسلل بين الناس نحو المقدمة.
العم
: تفكير سليم فعلا.. يجب أن
تتقدم.
الباحث اثنان: وهل وصلت؟
الولد :
لا كانوا يدفعون بى إلى
الخلف
العم : لأنك صغير.. غدا عندما تكبر.. عليك أن
تدفعهم جميعا إلى الخلف .
الأب
: حتى الآن وليس هناك مشكلة سيدى الباحث.
الباحث واحد: ومتى بدأت المشكلة إذاً ؟
الأب
: عندما بدأ يستأذنهم أن يتركوا له الفرصة .
الباحث اثنان: كيف..؟ لم أفهم !
الأب : كلما قال لأحدهم أفسح لى مقدار حبة..
يركله ويضربه.
الباحث واحد: معنى ذلك ..؟!
الأب
: أنهم يعرفون كلمة السر..
ويتضايقون منها .
الأم : (تتدخل) وأنهم موجودون بيننا.. يزحمون
حياتنا، ويرهقون أبداننا
الفتاة
: وأنهم فى طابور القوت والحياة.
الباحث واحد: وهل لهم علامات مميزة ؟
الزوج :
تصرفاتهم تدل عليهم.. وأماكن وجودهم .
الباحث اثنان: وأين نجدهم ؟!
الزوج : فى المظاهر الخداعة، في (ورش
التصليح).. في الزحام والغلاء.. في الفساد والانحراف.. في............
الباحث واحد: (مقاطعا) وما الذي يجبرهم على
الوقوف في أى طابور.
الأب : الخبز بالذات.. لقوة العلاقة بين حبة
القمح واستمرار الحياة.
الزوجة
: إنهم يسعون للقضاء علينا جوعا.
الباحث اثنان: وما يجبرهم على حشر أنفسهم فى
الحافلة؟
الزوج : هؤلاء صغار الشياطين.. أما الكبار
فيزحمون إشارات المرور.. بسياراتهم الفارهة.
(يتبادل الباحثان التظرات فى ارتباك)
الباحث واحد: (يهمس) ماذا حدث للناس ؟!
الباحث اثنان: (يهمس) يبدو أننا خلقنا مشكلة كبيرة .
الباحث واحد: (للأب) ألا تملك دليلا أكثر
وضوحا.
الأب
: نعم إليك هذان الزوجان.
الباحث واحد: ماذا بهما ؟
الأب
: كل منهما ينكر معرفته بالأخر.
الباحث اثنين : أتقول زوجان ؟!
الأب : نعم.. كل واحد منهما يظن الأخر من
الشياطين متشبَّها فى صورة زوجه .
الباحث اثنين: نحتاج بالفعل إلى تدوين هذه
الملاحظات.. من يتفضل بسردها .
الأب
: أصحابها أولى بها.. تفضلا فى هذا
الركن.
( يشير لكل من الزوج والزوجة ناحية
الركن ومن ورائهم الباحثان، تنخفض أصواتهم بين حكي واشارات منفعلة وتـدوين،
يتناول العم
الجريدة ويحاول ألا يكون مهتما فى البداية..
ثم
يلقى بها فى عصبية)
العم : من لا يعجبه ما يحـدث، يذهب إلى حيـث
يقفون ويشارك فى الحوار
بالرفض.
( يظهر فى الجانب الآخر من المسرح إبليس
الكبير والزعيمة، لا يلاحظ أحد وجودهما)
إبليس الكبير: أليست هذه هى المنطقة التي
اخترتها للمراقبة؟
الزعيمة : وكنت تعترض عليها أنت، كم هى
عامرة.!
إبليس الكبير: لم أجد فيها من تطورات تسبق
قدرتي على الفهم.
الزعيمة : لعلك تشعر بالغيرة من هذين الرقمين
.
إبليس الكبير: وأيةُ غيرة ياعزيزتى.
الزعيمة
: غيرة الأستاذ عندما يتفوق عليه تلميذه .
إبليس الكبير: لا أنكر هذا .
الزعيمة
: ولكن لمَ تركته يتفوق عليك؟
إبليس الكبير: ليس بيدى ياعزيزتى..لنا أبعاد
محددة لا نتخطاها.
الزعيمة
: أما البشر فلا تدرك لهم أبعادا.
إبليس الكبير: يعجز حتى عن فهم نفسه .
الزعيمة
: بات واضحا أن قسوة البشر على أنفسهم تفوق قسوتنا عليهم .
إبليس الكبير: وهل نقسو عليهم رغما عنهم كما
حدث .
الزعيمة
: لا.. بل من يتبعنا راضيا ومستسلما .
إبليس الكبير: ثم يبصق فى وجوهنا بعد أن يقضى
غرضه .
زعيمة الأبالسة: ولا ينتهى شره وطمعه .
إبليس الكبير: فلو أعطيته جبلا من ذهب لطلب
الثانى .
الزعيمة : ولو أعطيته أجمل نساء العالم لتمنى
أقبح النساء.
إبليس الكبير: كل هذا أقبله..أما أن يفترى
علينا، ويدعى تسلطنا عليهم ونحن فى أيام اعتكاف ؟!
الزعيمة : إنما يقصدون إشاعة الرعب فيما
بينهم .
إبليس الكبير: الرعب فقط..!! يعبثون حتى بعقول بعضهم بعضاً .
الزعيمة : وبصحة بعضهم بعضاً.. فيطعمون بعضهم
لحم الكلاب الفاسدة .
إبليس الكبير: كلاب فقط..!! ودجاج
بالهرمونات.. وجاموس بالحمى، ومشروبات بالوقود .
الزعيمة : المعدة البشرية أثبتت تحديها على
طول الزمن .
إبليس الكبير: دليل القوة الخارقة التى منحها
الله للإنسان .
الزعيمة : مجهزة لتلقى الصدمات وهضم السموم
.
إبليس الكبير: ويعيش ببعض أعضائه.. قلب من
البلاستك، ربع كلية إذا فسدت .
الزعيمة : أو سرقت منه وهو يجرى عملية
الزائدة الدودية.
إبليس الكبير: ويدب على الأرض شامخا .
الزعيمة : ويظل عالى الصوت سليط اللسان.
إبليس الكبير: إن له لسانا كذيل البرص لا
يموت بموت صاحبه .
الزعيمة : يالها من قوة جبارة !!
إبليس الكبير: تحسرى ياعزيزتي على
ضعفنا.
الزعيمة : يخر الواحد منا صريعا بشهاب واحد
.
إبليس الكبير: وتصرفنا إحدى المعوذتين .
الزعيمة : ويبصق فى وجوهنا ونٌلْعَنُ فى كل
حين .
إبليس الكبير: كفى ياعزيزتي.. لقد أسرفنا على
أنفسنا .
الزعيمة : جئنا نتعرف على أحوالهم فبكينا على
حالنا.
(يتحرك المندوبان، يهزان رأسيهما
بالموافقة)
إبليس الكبير: أخيرا انتهوا من الكيد لنا !
الباحث واحد : نشكر لكم حسن تعاونكم .
الباحث اثنان: الحقيقة.. توصلنا لمعلومات
مهمة جدا.
الباحث واحد: وهذه المعلومات هى أساس بحثنا
(اسمحوا لنا بالانفراد دقيقة )
(يأخذ الباحثان ركنا قريبا من إبليس والزعيمة)
إبليس الكبير: إنهما قادمان نحونا .
الزعيمة : يحتاجان فرصة لتبادل الرأي.
إبليس الكبير: تسمّعى جيداً ماذا يقولان
.
الباحث واحد: (هامسا) وماذا بعد ؟ زادت
المشكلة
الباحث اثنان: لست أدرى.. دعنى أفكر.
الباحث واحد: نخرج من هنا أولاً، ثم
تفكر.
الباحث اثنان: الأمر سهل جدا.. سترى كيف
سنخرج كالشعرة من العجين .
الباحث واحد: الكذب لن يتركنا أبداً.. يبدو
أننا أعميناها لاكحلناها .
الباحث اثنان: أى كذب تقصد ؟
الباحث واحد: أنا وأنت فقط نملك
الحقيقة.
الباحث اثنان: وماذا نفعل بها الآن.. لا
يمكننا التفوه بحرف
الباحث واحد: ولا يمكننا السكوت أيضاً..
العواقب وخيمة .
الباحث اثنان: من يصدقنا لو قلنا الحقيقة ؟!
الباحث واحد: لا أحد طبعا.. يظنون أنها حيلة
حتى تهدأ البلبلة.
الباحث اثنان: وندخل فى بلبلة من نوع جديد .
الباحث واحد: نحن فى مأزق حقيقى.. دبرني.
الباحث اثنان : على أية حال كانت لدينا نية
طيبة .
الباحث واحد: لا تخدع نفسك.. بل أردنا
السيطرة على الأمور، وأن نحقق الشهرة .
الباحث اثنان: وقد تحققت.. هل هناك همٌّ
لأجهزة الإعلام غير دعوتنا.. وإلقاء الضوء علينا.
الباحث واحد: غدا يلقون بنا فى غياهب السجون
.
الباحث اثنان: صه.. صه.. ماذا دهاك ؟ أفقدت
عقلك ؟!
الباحث واحد: سينكشف أمرنا إن عاجلا أو آجلا.
الباحث اثنان: لاتضعف هكذا.. مزيدا من
الشجاعة ياصديقى.
الباحث واحد: نخرج من هنا أولا.. انتحـل لنا
كذبة جديدة تخرجنا من هنا .
الباحث اثنان: ماذا تقصد بكذبة جديدة ؟
الباحث واحد: تمددت كذبتنا ونبتت لها أذرع
عنكبوت .
الباحث اثنان: ألم تكن كذبة بـيضاء ؟
إبليس الكبير: أرأيت كيف يلونون الكذب كما
يلونون بيض شم النسيم.
الزعيمة
: كل الحقائق عندهم ملونة.
الباحث واحد: أتسمع ما أسمع!!
الباحث اثنان: نعم.. إنها أصوات أعرفها
.
الباحث واحد: كأنه صوت إبليس الكبير .
الباحث اثنان: وصوت زعيمة الأبالسة .
الباحث واحد: ماذا يعنى ما نسمع ؟
الباحث اثنان: معناه واضح تماما.
الباحث واحد: تقصد أن الشياطين موجودون فعلا
.
الباحث اثنين: بكل تأكيد.. ولم يلتزموا
باتفاقهم.
الباحث واحد: معنى ذلك أننا لم نكذب !
الباحث اثنان: بالتأكيد لم نكذب.. وأقسم على
هذا.. ألم تسمع أصواتهم بأذنك؟
إبليس الكبير: (بدهشة) يا ابن الـ.. بني آدم.. أهكذا ؟!
زعيمة الأبالسة: فرصة ذهبية.. كيف يضيعونها
؟!
(يتجه الأب ناحية
الرجلين)
الأب : طالت مباحثاتكما.. هل توصلتما إلى حل
؟
الباحث اثنين: نعم اطمئن.. الأمر تحت السيطرة.
الأب : الشياطين وصلوا أم أن هناك وقتا ندبر
فيه أمرنا؟!
الباحث واحد: فى الحقيقة .
الباحث اثنان: (ينخزه) لا نستطيع أن نجزم
بهذا.. على العموم الموضوع محل دراسة.
الباحث واحد: وسوف يرسل المركز مركبة جديدة
تقتحم مملكة الشياطين .
الباحث اثنان: هذه المرة لنسفها.. يجب أن تحل
المشكلة من جذورها بالمرة.
الزعيمة : ياخبر أسود.. ينسفون المملكة
.
إبليس الكبير: لا تخشى شيئاً.. للمملكة رب
يحميها !!
الزعيمة : (بدهشة) أيحمي ربك مملكتك ؟!
إبليس الكبير: بالطبع.. ألم يعدني أن يبقيها
إلى يوم يبعثون ؟
الزعيمة : أصبحت أخاف البشر.. كأنهم ثيران
هـائجة لا تقف عند حد .
إبليس الكبير: (بغضب) لقد سهلت لهم مهمة القضاء
علينا بتهاونك يا زعيمة.
الزعيمة : أنا !! لا أعرف.. وكيف يكون التصرف
الآن .
إبليس الكبير: لا تعرفين.. لا تعرفين.. متى
تعرفين إذاً ؟
الزعيمة : أنت تتشاجر معى ؟
إبليس الكبير: من أمامى غيرك؟!
( يسمع أصوات ولغط
بالخارج، تسرع الفتاة
بفتح البـاب تلتفت إلى الداخـل قائلة)
الفتاة : جارنا بالدور العلوى.. يحمل ابنه
الكبير وهو فاقد الوعى.
الأب :
(وهو يسرع نحو الباب) نادهم يا ابنتي ليرتاحا قليلا
(يخرج الأب ويعود مسندا
الابن الشاب مع والده..
أم الشاب من خلفهم تولول باكية)
أم الشاب : ارحمنا يارب.. الولد الوحيد لنا..
هكذا يفعلون به؟!
الأم
: من يا أختاه ؟ وماذا فعلوا به
؟!
أم الشاب : أولاد الحرام.. خدروه، ورموه عند
الباب .
الفتاة
: مدمن.. يانهار أسود .
أم الشاب: النهار فقط.. أيامى كلها سوداء من
الآن.
الأم
: الحق معها.. ابنها الوحيد .
أم الشاب: خربت الدنيا.. وحياتى من
بعده.
الأب
: هو لم يمت لا قدر الله .
أبو الشاب: (وقد أسند ابنه) الموت أهون من
هذا الدمار.
الأب
: لا يا ٍرجل.. يمكن علاجه.. الصبر.
أبو الشاب: الصبر.. لم يعد صبر ولا مال.
أم الشاب: هذه نتيجة المشى مع أصدقاء السوء
.
أبو الشاب: أتلفوا عقله.. خرب بيتنا.. وخسر
نفسه .
الفتاة
: أتعرفهم ياعمى ؟!
الزوج : (مندفعا) ومن غيرهم.. الشياطين.. الملاعين..
ألم أقل لكم ؟!.
أم الشاب : كأنه ليس ابني الذى حملته تسعة
أشهر وربـيته عشرين سنة.
الفتاة : (تتأمله) لقد تغير بالفعل!
أبو الشاب: تبدل هكذا فى أسبوع واحد .
أم الشاب: مصيبة حلت على دماغي.. يا خسارتك
يا ابني.
الشاب : (يهذي) الحبة.. الماكس.. الإبر ..
أعطوني حبة.
أم الشاب : أسمعتم ماذا يقول ؟
الأب : يقول الحبوب .. البلاوى التى
يتعاطاها.
أم الشاب: أليست هى الكلمة التى جرت علينا
الشؤم، والخراب .
الأخ : (بتهكم) نعم هى.. ويقولون كلمة
السـر.. يبدو أنها كلمة السـر الإلهى .
الفتاة : لا ياعمى.. هى الكلمة التى يتعامل
بها البشرمع بعضهم بعضاً.
الأم
: وهل يعقل أن يفعل البشر كل هذه الأفعال فى بعضهم بعضاً .
الزوجة : إنها أفعال الشياطين.. يارب
سلم.
الزوج : الحبة.. سلاح ذو الحدين.. الحياة
والممات.
الأب : يبدو أن الشياطين فعلا يحسنون استعمالها..
الزوج
: ومن غيرهم يحسنون استعمالها!!
الأب
: يكثرونها فى المخدرات، ويقللونها فى الخبز.
أم الشاب : ابني أمامكم.. كأنه جثة.. دمرته
الحبة الملعونة! آه يا ولدي.
الشاب : (يهذي) أريد حبة.. أريد حبة ..
أبو الشاب : وهكذا صار ابني حقل تجاربهم المدمرة
.
أم الشاب : كلما قال حبة ناولوه إياها.. حتى
تلف جسمه وعقله.
أبو الشاب : وتعلَّم كيف يمد يده .. سرقنا.. سرق نفسه.
أم الشاب : أريد ابني الذى أعرفه.. كيف
أسترده يا ناس؟ دلوني بالله ؟
الزوج : أهم ناس مثلنا؟.. ألهم قلوب ترحم..
أم شياطين من نسل شياطين يا عالم.
أبو الشاب: وماذا يفيد سؤالك هذا..؟ خسارتى
فى ابني لا تعوض .
(الأب يضع وجهه بين كفيه ويبكى)
الأم
: لا يوجد أغلى من الضنا.. الله يجازى من كان السبب.
الباحث واحد: ( بفزع) إنها تدعو علينا.
الباحث اثنان: (مهدئا له) لا علينا .. تقصد
الشياطين.
الزعيمة : (بدهشة) رماها علينا .
إبليس الكبير: إلى متى نقف مكتوفي الأيدي يا
عزيزتي.. ألا نفعل شيئا نبرئ به أنفسنا.
الزوج
: إنه غزو شيطانى بلا رحمة.. إنه الخراب العاجل.
الأب : (يحتضن ابنه الصغير) الشياطين..
الملاعين.. ضربوا ابني واستولوا على خبزه .
الأم
: (تتحسس عينها) خرجتُ من طابور الجمعية بعيني متورمة.
الفتاة
: كادت تأكلنى بعينيها فى الحافلة.. وأوجعتني فى جنبي..
(ينظر كل من إبليس
والزعيمة أحدهما إلى الآخر فى أسف
وقلة حيلة، يحاول كل من الباحثين
الانسحاب بحذر نحو
الباب)
الشاب
: يهذى.. حبة واحدة أرجوكم .. جسمي
يتمزق.
أبو الشاب : مصوا دمك يابني .. عليهم اللعنة.
الزوجة
: آذونا بكلمة سرنا .. كيف يكون
الخلاص.
أم الشاب : وقلة حيلتنا.. وضعفنا أمام
أبنائنا ..
العم
: أريد أن أقول رأيي !!
الأب
: تفضل يا أخي .. لماذا تصمت ؟
العم
: الأمر لا يحتمل كل هذه الاحتمـالات..إنكم تجعلون من الحبة قبة .
الأب
: كيف يا أخى ؟ كأن يدك ليست فى
النار .
العم
: ما أراه شيئا عاديا.. يحدث كل
يوم وفي كل مكان .
الأب
: ألأنه يحدث كل يوم.. يكون
عاديا.. ترى أن نقبل به إذن..!!
الزوج : الخطورة أنه يحدث كل يوم.. إذن فهناك
تركيز علينا .
العم
: أرجوكم ياجماعة.. انظروا بعين
محايدة .
الزوج : (يشير نحو مندوبى المركز فيتوقفان
فجأة) كما يقول هذان.. الموضوع يحتاج دراسة، ومراقبة.
العم :
وماذا فى وسعكما فعله .!!
(يتبادل المندوبان النظرفى صمت
يوجه العم كلامه للأخرين )
العم : وأنتم ماذا فى وسعكم عمله ..؟
الزوج
: وسعنا.. ألست معنا ؟ ألا ترى
بعينيك ما يجرى لنا..!!
العم
: أرى وأسمع.. لكني غير متشائم إلى
هذا الحد .
الزوجة
: ياخبر! اسمع صراخ ابني .. لعل شيطاناً أفزعه
(تهرول ناحية الباب..
تخرج)
الأب
: وماذا ترى يا أخي ؟
العم
: أرى أن ننسى كلمة السر هذه بالمرة، ونمارس حياتنا بالشكل الطبيعي .
الأب : وما أخبرنا به المركز من انتشار
الشياطين بيننا..!
العم
: الشياطين طوال عمرها بيننا.. ما الجديد
؟
الأب : الجديد.. أنهم سيكثفون جهودهم ضدنا..
الجديد أنهم يتشبهون بأشكالنا..!
العم
: أو نحن نتشبه بصورهم.. لا فرق .
الأب
: قد أفاجأ بأنك لست أخى وإنما..لا.. لا.. لا يمكن.
العم
: (يرتعد) يتراجع.. ماذا تقول
..؟!
الأب
: آسف يا أخي..لا أقصد والله.. سامحني.
الفتاة : الشىء الأكثر بشاعة ما نحن فيه من
خوف وعجز وغيبوبه
(تشير
إلى الشاب المخدر) أهذا هو المستقبل ؟!
الأم
: والغش.. كل شىء لا يخلو من الغش اليوم ....
الولد
: وما اسمعه كل يوم من نصائح.. لا تكلم أحدا لا تعرفه لا تأكل من يد أحـد
غيرنا.. لا تلعب مع أحد لا تثق فيه.. سئمت.
الفتاة
: هذا فظيع أن نعيش فى خوف بعضنا من بعض.
الزوج : فلان سيقدم لك خدمة.. لماذا ؟ بكم
؟.. لابد أن له حاجة عندك.. لا تصدقه.. لا أحد يخدم بلا مقابل..
الزوجة : هذا أيضا فظيع.. ومخيف.
أبو الشاب: ويضحك فى وجهك ويطعنك فى
الظهر.
الأب : يجب أن تكون متيقظا دائما.. أن تشك فى
كل الناس.
الزوج : وهأنـذا أبدأ بنفسى.. هذه المرأة
ليست زوجتي.. يتلفت.. أين هى ؟
الأم
: ذهبت لترى ابنكما.
أم الشاب : وهذا المخبول ليس ابني .
الفتاة
: غير معقول هذا.. نحن فى عذاب.. ارحمنا يا رب.
الأم
: أيعقل أن يكون هذا الصغير ليـس ابني وأنه افتعل قصة الخبز ليرعبنا ..
معقول .
(تدخل الزوجة
مندفعة)
الزوجة
: افتحوا التلفاز.. خبر خطير.
(تسـرع الفتاة إلى
التلفاز تفتحه، ينظر رجلى المركز أحدهما إلى الآخر فى قلق)
الباحث واحد: أتتوقع أن يستدعوننا بالأثير
؟
(يتحفز كل من إبليس والزعيمة للسماع)
صوت المذيع: احذروا لحوم الصحة.. لحوم لا
تصلح للطعام الأدمى..هرب صاحب المصانع ويجرى البحث عنه.
الأب
: أنت.. أنت يا أخي.. غير معقول..
يطبق على رقبته.
الأم
: لحوم الصحة.. آه يا بطني.
الأب : (يهز أخاه) أنت أخي ؟ لست أخي .. لست أخي..!!
أبو الشاب : وأنا مَنْ ؟ أشك فى نفسي أنا لست
أنا.. لست أنا..
(يمسك الجميع بطونهم، وكأنهم فى حالة تسمم،
يتقؤون ثم يهجمون بعضهم على بعض،
وتختـلط أصـواتهم بين الإعياء تبادل الاتهام)
- لست أخي.. لست ابني .
-
لست زوجتى .. لست زوجى .
-
لست ابنتي.. لست أمي .
-
آه يا بطني.. - إننى أموت حبة.. حبة .. حبة.. حبة.
(يتسلل الباحثان إلى الخارج.. بينما يمسح إبليس
الكبير وزعيمة الأبالسة دموعهما )
ستـــار
النهاية
.............................................
.............................................
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق